بالطّائفية، والكراهية، والتخويف: هكذا تحارب لائحة الحريري #بيروت_مدينتي

 This post has been translated from English by Bilal Al Ayoubi and Larissa Abou Harb.

Beirut Madinati - bIERTE list 2016 2

من قواعد الُّلعبة على السَّاحة السِّياسيَّة الُّلبنانيَّة أن تجتمع جميع الأطراف السِّياسيَّة على محاربتك، مستخدمةً أقذر الوسائل والشِّعارات والخطابات، فكيف إذا انتقلت هذه الُّلعبة إلى معركة الانتخابات البلديَّة؟ “لائحة البيارتة”، بشعارها “لتبقى بيروت لأهلها”، هي الَّتي اختارها سعد الحريري وسائر القوى السِّياسيَّة لخوض الانتخابات البلديَّة في الثَّامن من أيَّار / مايو المقبل. وما هذا الشِّعار إلَّا  تعديل بسيط في الأسلوب المتَّبع لإرهاب الشُّعوب سياسيًّا بطريقة لا تختلف كثيرًا عن خطاب دونالد ترامب الترهيبيّ السَّاذج. فلو كانت لديهم الجرأة الكافية، لكانوا اقتبسوا شعار “لتعود بيروت عظيمة من جديد” على غرار “لتعود أميركا عظيمة من جديد”!

 تخوننا للأسف كلماتنا عندما نريد أن نطرح واقع الأمور في لبنان. إذ لا توجد منطقة لبنانيَّة واحدة لأهلها فقط، ناهيك عن العاصمة الَّتي تحتضن ما يُقارب نصف سكَّان لبنان! وبالتَّالي، لم يكن لدى هؤلاء السِّياسيين أيَّ مشكلة مثلاً، عندما حصروا الاستثمارات في لبنان ببيروت، حارمين بذلك المناطق الأخرى كلِّها. لم يكن لديهم أيَّ مشكلة أيضًا في تحويل ميزانيَّة “إعادة إعمار لبنان” بعد الحرب، إلى وسط مدينة بيروت الَّذي أُفْرِغَ من روحه. هذا وكيف نغضُّ الطَّرف عن كونهم العرَّابين لفكرة إرسال نفايات العاصمة إلى عكار وغيرها من المناطق؟ لعلَّ بقاء “بيروت لأهلها” لا يشمل نفايات البيارتة… لَمْ تكن لدى هؤلاء السياسيين أيَّ مشكلة مع سنِّ التَّشريعات الَّتي جعلت المعيشة في بيروت تفوق قدرة المواطنين، فلم يعد باستطاعة الكثيرين دفع الإيجار، أو شراء شقَّة… إلَّا إذا اعتبرنا أنَّ توطين الخليجيين هو من بين الخطط المقترحة!

إنَّهم هم الَّذين أغرقوا المدينة بالنُّفايات وجعلوها نتنة. إنَّهم هم أنفسهم الَّذين أنتجوا الفساد وقادوا أبناء عاصمتنا إلى الاقتتال، ليس من زمن بعيد بل منذ ثماني سنوات. ولسخرية القدر، ها هي الانتخابات اليوم تجري في التَّاريخ عينه… فهل سينسى التَّاريخ أفعالكم في 7 أيَّار؟ لا تنقصني الأمثلة لكنَّني لن أغوص فيها لأنَّ الخلاصة تكمن في أنَّ الحريري نفسه ليس بيروتيًّا! فهلَّا  أرسلت تحيَّاتي إلى صيدا لو سمحت؟

فلنضع تلك الحقائق جانبًا، ولنرى كيف أنَّ تيَّار المستقبل وسائر القوى السِّياسيَّة يقومون بحشد جمهورهم عبر الوسيلتين الوحيدتين الَّلتين يتقنونهما: الخوف والطَّائفية. إليكم في ما يلي مثالًا فاخرًا عن إحدى الرَّوائع الَّتي يستخدمها مناصرو الحريري عبر الفايسبوك:

Hariri list Beirut 2016

إنَّ خطابًا كهذا يُظهر مقدار الخوف الَّذي يمكن أن يعتري من هم في السُّلطة، دافعًا إيَّاهم إلى تحريض أتباعهم لاختلاق حجج واهية ولتكرار الاتِّهامات السَّخيفة الَّتي تشحن النُّفوس كراهيةً من أجل الإبقاء على الوضع السِّياسي غير المنتج. عمر شبارو ليس وحيدًا… كثيرون هم سنَّة بيروت أو المنتمين إلى أحزاب وطوائف أخرى الَّذين يعتقدون أنَّ اختيار من هم من غير لائحة الحريري خيارٌ غير صائب. فبالنسبة لهم، الوقت ليس مناسبًا للتغريد خارج السِّرب، خصوصًا من منظور حقوق الطوائف. ولطالما ردَّد بعضهم على مسمعي بأنَّ “لا يمكنك أن تكون علمانيّ في مجتمع طائفيّ! لم تعد هذه الحجج كافية لانتخاب الوجوه والأسماء نفسها، في وقت تختنق فيه النَّاس وتموت وتتسمَّم جرَّاء هذه الخيارات. الانتخابات البلديَّة هي الفرصة شبه الوحيدة للوقوف بوجه من عمَّم خطاب التَّفرقة ونبش الأحقاد ولم يكترث بآراء النَّاس ولا بمستقبلها.

أعزَّائي البيروتيين،

أكنتم تنتمون إلى الطَّائفة السنيَّة أو إلى أيٍّ من الطَّوائف الأخرى، إنَّ لائحة “بيروت مدينتي” ليست لائحة الزَّواج المدنيّ! فهي لائحة مرشَّحة للانتخابات البلديَّة ولا تستطيع فرضَ أيَّ تغيير في قانون الأحوال الشَّخصيَّة، بغضِّ النَّظر عن وجهات نظر المرشَّحين حيال هذه القضيَّة. الاتنتخابات هي انتخابات بلديَّة وليست انتخابات تشريعيَّة!

 أعزَّائي البيروتيين، 

إنَّ لائحة “بيروت مدينتي” لن تحوِّل بيروت إلى مرتعٍ للرذيلة. “ولو؟” إنَّ مثل هذه التَّلفيقات والأكاذيب يطلقها من يريد أن يخدعكم بغية نيل ثقتكم، بالأحرى أصواتكم، في الثَّامن من أيَّار، وهو نفسه من خذلكم مرارًا وتكرارًا على مدى عقود. وها هو حاضركم الشَّاهد الأفضل على أعماله!

أعزَّائي البيروتيين، 

أكنتم تنتمون إلى الطَّائفة السنيَّة أو إلى أيٍّ من الطَّوائف الأخرى، إنَّ خياركم الانتخابيّ يوم الثَّامن من أيَّار سهل للغاية! نعم… سهل لأقصى الحدود: يمكنكم التَّصويت للنفايات؛ يمكنكم التَّصويت لإغراق الشَّوارع بالأوساخ؛ يمكنكم التَّصويت للرائحة الكريهة الَّتي دفعتكم للتقيُّؤ يوميًّا خلال الأسابيع الثَّلاث الماضية؛ يمكنكم التَّصويت للمدينة الَّتي لا تستطيعون شراء شقَّة فيها، ولوسطها الَّذي يحرَّم عليكم دخوله؛ يمكنكم التَّصويت أيضًا لزحمة السَّير الخانقة، وللمياه والطَّعام والهواء المسمومين! إذا كان هذا خياركم، فأنتم تصوِّتون لبيروت اليوم، لمدينة تحتضر بسبب السِّياسات الَّتي تريد إقناعكم بأنَّ لا بديل لكم، كونكم من السنَّة أو من الأورثوذكس، أو لمجرِّد كونكم ولدتم وترعرعتم فيها، لتبقى “بيروت لأهلها”. يمكنكم التصويت لمن يعتبر طائفتكم اهم مكوِّناتكم وأفضل تعريف بكم. 

بيدكم مفتاح التَّغيير. يمكنكم التَّصويت لمن يأخذ صوتكم على محمل الجدّ، لمن يذهب إلى أحيائكم ليسألكم عن تطلُّعاتكم. يمكنكم التَّصويت لمن وضع برنامجًا من اثنتي وثلاثين صفحة لأجلكم.

 في الثَّامن من أيَّار، لن يكون الخيار صعبًا! أتمنَّى أن تصوِّتوا للمرشَّحين الصَّالحين، بدلًا  من الانصياع إلى أولئك الَّذين يرهبونكم ويخنقون آمالكم لكي تشعروا أنَّكم دمى غير قادرة على طلب الأفضل. اقطعوا خيوط الدُّمى واقلبوا الطَّاولة على خائنيها… فأنتم أرباب بيروت ولستم جواريها!